التعليم ونوعيته .. ومبدأ تكافؤ الفرص والعدالة التعليمية
د. عبدالله بن مسعود الجهني
في ظل التحولات العالمية المتسارعة بمختلف المجالات تسعى معظم الدول إلى
إحكام القبضة على منبع هذه التحولات ليكون لها السبق في استثمار المزايا
التنافسية، ورغم أن المزايا التنافسية تختلف من دولة إلى أخرى إلاّ أن المستثمر
لها يتمثل في العنصر البشري بجميع مقوماته التي نمت وترعرعت في أحضان التعليم
والذي يعتبره البعض هو المنبع الأساس لتحولات وتغيرات العصر الحديث.
لذلك انتقل الاهتمام إلى تطوير النظام التعليمي وتحسينه والارتقاء بنوعيته،
وبإسلوب تحليل النظم فقد وفرت حكومة المملكة ما يهيئ لمدخلات نوعية متميزة لنظام
التعليم، وظهرت العديد من المشاريع التي تستهدف تطوير التعليم، ومن أبرزها مشروع
الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله – لتطوير التعليم العام، وما انبثق عنه
من استراتيجيات وبرامج، وكل تلك المشاريع تهدف إلى تحسين عمليات النظام التعليمي،
ورغم ان المدخلات والعمليات تسير وفق ما خطط له حسب ما يصلنا من وسائل الإعلام،
إلاّ أن المخرجات والمتمثلة في العنصر البشري المستهدف بالتطوير والتحسين مازالت
نوعيتها ضبابية ولم تظهر لاستثمار مزايا الوطن التنافسية بعد، وإن كان العذر أن
الوقت مازال مبكراً .. فهل حددت المشاريع التطويرية وقتاً لقطف الثمار؟
ورغم أن مشاريع وبرامج واستراتيجيات تطوير التعليم تهدف بمجملها إلى
الارتقاء بنوعية التعليم المقدم للعنصر البشري ليحقق إسهامهم الفعال في الرفع من
القدرة التنافسية للمملكة بكافة المجالات وبناء مجتمع المعرفة، إلاّ أن هذه
المشاريع يشوبها بعض القصور في تجاوزها لأهم المبادئ والمرتكزات التي يجب أن تلتزم
بها السياسة التعليمية في أي مكان من العالم، والمتمثلة في مبدأ تكافؤ الفرص
والعدالة التعليمية.
فمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة التعليمية يعني أن التعليم المتميز حق لكل
مواطن ذكراً كان أم أنثى في كل موقع من أرجاء الوطن، وعند تطبيق هذا المبدأ على
المشاريع المنفذة حالياً في التعليم نجد التمييز غير المقصود من خلال آلية
الاختيار ومواقع التنفيذ، ولعل مدارس تطوير وما يقدم لها من دعم مادي وبرامج نوعية
تختلف عن المدارس الأخرى وتوجد نوعاً من التمييز بينهما، وكذلك الموهوبين من حيث
الاهتمام المتناهي بهم وبتعليمهم وفق أحدث الاستراتيجيات، حتى أن بعض إدارات
التعليم صنفتهم في المدارس بفصول خاصة بهم لتمييزهم عن باقي الطلاب يوجد نوعاً من
التأثير النفسي عند الطلاب الذين لم يتم اختيارهم في فصول الموهوبين.
وهذه الفجوة بين ما تسعى إليه المملكة في الارتقاء بنوعية التعليم، وما
يطبق من برامج ومشاريع ربما تحد من إمكانية الاستفادة القصوى من العنصر البشري،
وبالتالي عدم الوصول إلى مخرجات نوعية تساهم في تنمية المجتمع، وتحقيق أهداف سياسة
التعليم، فالمشكلة إذن تكمن في التركيز على فئات محددة وإهمال الفئات الأخرى، لذلك
ينبغي مراعاة جميع فئات المجتمع التعليمي وتصنيفاته عند إعداد وتطبيق مثل هذه
البرامج والمشاريع.
تعليقات
إرسال تعليق