سلسسلة مواضيع في القيادة المدرسية | 1 |

-

د. عبدالله بن مسعود الجهني


القيادة المدرسية في مدارس التعليم العام

حددت وزارة المعارف (1995) في وثيقة سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية الخطط الخاصة بنظام التعليم ومراحله، حيث يتكون التعليم العام من ثلاث مراحل هي: المرحلة الابتدائية، والمرحلة المتوسطة، والمرحلة الثانوية، فالتعليم العام هو التعليم الذي يقدم للطلاب من بداية السلم التعليمي عند بداية المرحلة الابتدائية وحتى نهاية المرحلة الثانوية.

          ويعتبر التعليم العام من أهم أنواع التعليم، فهو بمثابة العمود الفقري للنظام التعليمي، وذلك لأنه يمثل مرحلة المواطنة، وتكوين الهوية العربية الإسلامية، والبناء المتكامل لجوانب شخصية الطلاب. (متولي، 2007)

          ويتلقى الطلاب تعليمهم في المدارس، والتي تُعرِّفها وزارة التعليم (1437، ص 8) بأنها: "جميع مراحل التعليم العام الابتدائية والمتوسطة والثانوية التابعة لوزارة التعليم بما فيها مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ومدارس نظام المقررات والفصلي، والمدارس الأهلية، والمدارس السعودية خارج المملكة".

          وفي ظل التغيرات والتحولات التي يشهدها المجال التعليمي فقد تطورت وظيفة المدرسة من مجرد بيئة تقليدية ناقلة للمعارف والعلوم إلى بيئة مطوّرة تستثير دافعية الطلاب نحو التعلم، وتقدم الخبرات ذات الصلة بالحياة المجتمعية، وتُكسبهم المهارات الضرورية للتعامل مع متطلبات العصر ومتغيراته، وتنمي لديهم الجوانب العلمية والنفسية والاجتماعية.

        ولمواكبة هذه التغيرات، أُجريت العديد من الدراسات والأبحاث التي هدفت إلى التعرف على أفضل الأساليب لتطوير المدارس وتحسين أدائها، ومنها: دراسات (العمايرة، 2014 ؛ وأريش Irish, 2014 ؛ وياسين وآخرون،Yasin et. Al., 2013  ؛ وأبورمان، 2012 ؛ وكوستيلو Costellow, 2011) التي توصلت نتائجها إلى أن تطوير كفايات القيادات المدرسية تعتبر من أهم أسباب تحسين وتطوير المدارس وقيادة التعليم والتعلم.

           ويذكر ميتغنغ وجيل (Mitgang & Gill, 2012): أن القيادة المدرسية تعتبر عنصراً أساسياً في إصلاح التعليم، وتستحق الاستثمار في حد ذاتها، وأن الإصلاح المدرسي الناجح يعتمد على وجود قيادات مدرسية ذات إعداد جيد لتغيير المدارس وتحسين التعليم.

         فالقيادة المدرسية لم تعد أداة لتطبيق النظام المدرسي فقط، بل تحولت إلى قيادة تسعى لإيجاد بيئة مدرسية ناجحة، ومتطورة، وداعمة ومنفذة للتغيير والتجديد، وموجهة لجهود العاملين لتحقيق رؤية ورسالة التعليم.

لذلك، أولت وزارة التعليم اهتمامها بالقيادة المدرسية، وسعت إلى مواكبة التطورات من خلال إقامة الملتقيات، وتوجيه البحوث والدراسات نحو تطوير أدوار القائد المدرسي وفقاً لمقتضيات التحولات العالمية والمستجدات المعاصرة، ومن بعض ما نتج عن ذلك اعتماد ما ورد من توصيات في ملتقى القيادة المدرسية الأول، ومن أبرزها تعديل مسمى مدير ومديرة المدرسة إلى قائد وقائدة المدرسة الصادر من الإدارة العامة للإشراف التربوي (1437) بتعميم رقم (11018)، وتاريخ 8/1/1437هـ. 

ورغم أن البعض يخلط بين مفهوم الإدارة والقيادة وبالتالي المدير والقائد، فإن في الأدب النظري ما يوضح الفروق بينهما، وسيتم توضيح الفروق بين مفهوم القيادة ومفهوم القائد المدرسي في الموضوع القادم بمشيئة الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع العربية:
الإدارة العامة للإشراف التربوي (1437). تعديل مسمى مدير ومديرة المدرسة إلى قائد وقائدة المدرسة، وزارة التعليم، الرياض
أبو رمان، محمد عبدالفتاح عبدالله (2012). الاحتياجات التدريبية لمديري المدارس الثانوية في مديرية تربية عمان الثانية في ضوء التطوير التربوي بالمملكة الأردنية الهاشمية، مجلة كلية التربية – جامعة الأزهر، (16)، ص 88 – 113 
أبو رمان، محمد عبدالفتاح عبدالله (2012). الاحتياجات التدريبية لمديري المدارس الثانوية في مديرية تربية عمان الثانية في ضوء التطوير التربوي بالمملكة الأردنية الهاشمية، مجلة كلية التربية – جامعة الأزهر، (16)، ص 88 – 113 
العمايرة، محمد حسن (2014). الاحتياجات التدريبية لمديري المدارس الأساسية ومديراتها ومساعديهم في مدارس وكالة الغوث الدولية في الأردن من وجهة نظرهم، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس – سوريا، م 12 (4)، ص 11 – 40
متولي، نبيل عبدالخالق (2007). التعليم العام، في: الحامد، محمد بن معجب؛ وزيادة، مصطفى عبدالقادر؛ والعتيبي، بدر جويعد؛ ومتولي، نبيل عبدالخالق، التعليم في المملكة العربية السعودية رؤية الحاضر واستشراف المستقبل، ط (4) (ص: 81 – 114)، الرياض، مكتبة الرشد
وزارة التعليم (1437). الدليل التنظيمي لمدارس التعليم العام 1436/1437، الإصدار الثالث، الرياض
وزارة المعارف (1995). سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية، ط (4)، الرياض

المراجع الأجنبية:
Costellow, T. D. (2011). The Preferred Principal: Leadership Traits, Behaviors, and Gender Characteristics School Teachers Desire in a Building Leader. (unpublished Ph.D. thesis). University Bowling Green, Kentucky
Irish, S. C. (2014). Leadership Qualities Necessary for Educational Leaders to Become Effective Turnaround Principals. (unpublished Ph.D. thesis). Liberty University, Lynchburg
Mitgang, L. & Gill, J. (2012). The Making of The Principal: Five Lessons in Leadership Training. New York. The Wallace Foundation
Yasin, M.; Mustamin, D. & Tahir, L. M. (2013). Principal Competencies and the Achievement of National Education Standard in Indonesia. International Journal of Humanities and Social Science, 2 (8) , P.P. 31–36

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوكمة في مؤسسات التعليم العام

-
صورة
د. عبدالله بن مسعود الجهني يشكل إصلاح وتطوير الأنظمة التعليمية أهمية كبرى للدول نتيجة للتغيرات والتحولات العالمية المتسارعة في كافة المجالات، ومن منطلق أن التعليم يعد عنصراً أساسياً وهاماً في التنمية ودفع عجلة الاقتصاد فإن الحكومات تقوم بمراجعة وتقييم جميع عناصر النظام التعليمي في ضوء التحولات الجديدة حتى يتسنى لها إصلاح التعليم وتطويره وتجويد مخرجاته والارتقاء بنوعيته. وتعتبر الحوكمة من أبرز المداخل الحديثة التي تساهم في الإصلاح التعليمي، وتهدف إلى تحسين وتطوير أداء المؤسسة التعليمية، وتجنبها المخاطر والصعوبات التي قد تعيق جودة أدائها، ومن ثم تتمكن المؤسسة التعليمية من التمتع بمركز تنافسي بالنسبة لمثيلاتها في سوق التعليم العالمي. (المليجي، 2011) وتنبع أهمية تطبيق الحوكمة من خلال دورها في إدارة وقيادة الإدارات التعليمية، حيث يشير الزايدي (2019) بأن الحوكمة تساهم بفعالية في تحسين الإجراءات الإدارية للمؤسسات والإدارات التعليمية والعمل على ضبطها، وإن تطبيقها يعتبر ضرورة لتطوير نوعية التعليم، كما أنها أحد العناصر الأساسية التي تؤدي إلى تحسين المخرجات التعليمية مما يمكنها من مواكبة التغ...
قراءة المزيد

التعليم المتمايز .. من أجل العدالة بين الطلاب

-
صورة
د. عبدالله بن مسعود الجهني التعليم المتمايز .. من أجل العدالة بين الطلاب تقديم: قام بناء الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام على مجموعة من القيم، ويأتي في مقدمتها أن التعليم محقق لتكافؤ الفرص، وللتأكيد على ذلك فإن الهدف الثاني من أهداف الاستراتيجية يتمحور حول إتاحة فرص التعليم المتكافئة ونظم الدعم لجميع الطلاب. ولتحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص التعليمية في حصول جميع الطلاب على تعليم متميز على اختلاف مستوياتهم التحصيلية وقدراتهم ومهاراتهم فإن على المعلمين أن يدركوا أن طرق التدريس التقليدية لم تعد ذات قيمة في تقديم تعليم نوعي يراعي الفروق الفردية بين الطلاب داخل الفصل الدراسي. التعليم بين المساواة والعدالة: في داخل الصف الدراسي؛ وأثناء قيام المعلم بأداء إجراءات التعليم والتعلم، يقع في خطأ يكلف الكثير من جهده ويسبب هدراً في اكتساب المعلومات والمهارات عند الطلاب عندما يمارس قيمة المساواة بينهم، ذلك أن الطلاب يختلفون في مستوى فهمهم وقدراتهم، ويتفاوتون في درجة احتياجاتهم التعليمية، فقيمة المساواة هنا تعني أنهم جميعاً متشابهون. لذلك، فإن الفروق الفردية بين الطلاب تحتم على الم...
قراءة المزيد

سلسسلة مواضيع في القيادة المدرسية | 2 |

-
صورة
د. عبدالله بن مسعود الجهني مفهوم القيادة المدرسية يعتبر مفهوم القيادة المدرسية من المفاهيم المركبة التي تحتوي على مفهومين متداخلين، فأحدهما مفهوم القيادة، وهو من المفاهيم التي حظيت باهتمام الباحثين، وأخذ تعريفه مسارات متنوعة لتنوع تخصصات الباحثين، والآخر مفهوم المدرسة وربما يكاد يكون متفق عليه من جميع الباحثين في مجال التعليم باعتباره المكان الذي يتلقى فيه الطلاب العلوم والمعارف، وللوصول إلى مفهوم القيادة المدرسية، سيتم التعرف أولاً على مدلولات القيادة، وبعض الزوايا التي تناولها الباحثون في مجال التعليم لهذا المفهوم. يعود لفظ القيادة في اللغة العربية إلى الفعل الثلاثي ( قَادَ )، ففي المعجم الوسيط لمصطفى والزيّات وعبدالقادر والنجار ( 2004، ص 765 ): " قادَ الدّابة قَوداً وقيادة بمعنى مشى أمامها أخِذاً بمِقْوَدِها، وقادَ الجيشَ بمعنى رَأَسَهُ ودَبَّرَ أَمْرُه ".             وفي لسان العرب لابن منظور ( 2003، ص 315 ): " القيادةَ من قَادَ، يَقُودُ، قَوْدٌ، يقودُ الدّابة من أمامها، ويسوقها من خلفها، فالقَودُ من أمام، والسوق من خلف، ويقال أق...
قراءة المزيد