(3-1) الهيبة الشخصية .. وقوة التأثير
ليس صعباً الإجابة على تلك الأسئلة فالانقياد والتبعية للآخرين يمكن التعبير عنها بالعلاقة العكسية التي تجمع بين السواد الأعظم من الناس الذين يفتقدون لبعض الخصائص والسمات الشخصية وبين القلة الذين يمتلكون تلك الخصائص التي ميزتهم وجعلت الآخرين ينظرون إليهم نظرة مختلفة، ولعل من بين هذه الخصائص القوة والتي تعبر عنها كلمة (الهيبة).
فالهيبة هنا لا تعني الحُكم وبسط السيادة والنفوذ والسيطرة المطلقة بل هي سمة تجمع بين بعض المتناقضات يفصل بينها طيف خفي في اللاشعور فتختلط مشاعر الخوف والاحترام والإعجاب والتقدير والقوة والشدة لتكون قاعدة وأساس للهيبة، والدليل على ذلك أن بعض الشخصيات عبر عصور التاريخ لا يزالون يحظون حتى الآن بهيبة كبيرة رغم فنائهم وموتهم كمحمد صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهم وغيرهم الكثير.
في الواقع إن الهيبة عبارة عن نوع من السحر والجاذبية التي يمارسها بعض الأفراد على الآخرين من خلال العزف على وتر العواطف والمشاعر الإنسانية، وهذه الجاذبية الساحرة ربما تشل التفكير العقلاني للإنسان وتملأ روحه بالدهشة والاحترام والإجلال فيقع بالتبعية والانقياد دون وعي وادراك ويعيش وهماً في مخيلته بعظمة من يؤثر على عواطفه فتجعل منه الرئيس والزعيم والقائد للجماعة، ذلك أن معظم الناس تضع أنفسها بشكل غريزي تحت سلطة زعيمٍ ما.
وختاماً للجزء الأول؛ فإن الهيبة يمكن أن تنقسم إلى نوعين أساسيين، وهما الهيبة المكتسبة أو الاصطناعية، والهيبة الذاتية أو الشخصية، علماً بأن أي إنسان يمكن أن يكتسب الهيبة ويمارسها إذا تخلص من بعض المخاوف التي تلازم شخصيته في التعامل مع الآخرين وعدم الثقة في نفسه، وسنتناول ذلك مع كل نوع من أنواع الهيبة في المقالات القادمة بإذن الله.
Dr.aaljohani@
تعليقات
إرسال تعليق