(3-3) الهيبة الشخصية .. وقوة التأثير


  د. عبدالله بن مسعود الجهني

الهيبة خاصية عند بعض الأفراد يمارسون من خلالها التأثير على الآخرين والعزف على وتر عواطفهم ومشاعرهم بقصد أو بدون قصد فينجذبون إليهم ويتبعونهم وينصبونهم قادة وزعماء ويحيطون بهم بهالة من المثالية والتمجيد، والهيبة لا تخرج عن كونها مكتسبة أو ذاتية، وعلى الرغم من أن الهيبة المكتسبة تُعد الأكثر انتشاراً إلاً أنها تزول بزوال مسبباتها سواء المادية أو المعنوية، بينما الهيبة الذاتية عكس ذلك تماماً.

لا بد وأنت تقرأ المقال أن فكرت بهيبتك وقوتك وتأثيرك على الآخرين، والبعض يتحسر بأنه ليس من أصحاب الأموال ولا المناصب ولا حتى من المشاهير، لا عليك يا صديقي فالهيبة متاحة لك حتى وإن كنت لا تملك تلك العوامل التي تصنع الهيبة الزائفة، فالآخرين لم يقدروك ويحترموك لذاتك بل لما تملكه، وإذا نفد ذلك فستتلاشى هيبتك وسيكون وضعك أكثر إيلاماً وأنت ترى الحقيقة.

تدبر قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ من ذلك نستفيد أن المال والمنصب والجاه ليست هي الأدوات الوحيدة للهيبة وإن كان تأثيرها ساحر ولكن فقط على أولئك المنتفعين والمنغمسين بالمصالح الشخصية.

فمهما تكن الخلفية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية لأي فردٍ كان فلن تمنعه من امتلاك الهيبة والتأثير على الآخرين، ولكن بشرط يتمثل في استخدام تفكيره في اتجاهين وممارسة بعض المهارات في كل اتجاه حسب المواقف، ويمكن البدء في التطبيق تدريجياً حتى الوصول إلى كمال الهيبة.

فالاتجاه الأول يتمثل في شخصيتك من حيث الثقة في النفس والالتزام ببعض السمات كالشجاعة في اتخاذ القرارات بحكمة ودون تهور، وإبداء الرأي دون تحيز أو تعصب، والجدية في القول والعمل، وعدم الإكثار من المزاح بكافة أشكاله، والقدرة على مخاطبة الآخرين على قدر عقولهم، أما الاتجاه الثاني فيتعلق بمعرفة الآخرين وخاصة فهم عواطفهم ومشاطرتهم مشاعرهم، والاقتناع التام بأن الآخرين جبلوا على وضع أنفسهم بشكل غريزي تحت سلطة قائد أو زعيم، لذلك كن أنت المتحدث باسمهم والمبادر باتخاذ القرارات، ثم لا تتسامح مع المتملصين والمتزلفين فكلما خسرت أمثال هؤلاء كلما كسبت الأفضل والأحسن من التابعين والمؤيدين.

   

Dr.aaljohani@



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوكمة في مؤسسات التعليم العام

التعليم المتمايز .. من أجل العدالة بين الطلاب

سلسسلة مواضيع في القيادة المدرسية | 2 |