علاقة فلسفة التربية بمبادئ وتطبيقات الإدارة التربوية

 
 
 
عبدالله مسعود الجهني



الفلسفة هي الإطار النظري للتربية ، وفلسفة التربية هي التطبيق العملي لأفكار الفلسفة النظرية ، ففلسفة التربية هي النشاط الفكري المنظم الذي يتخذ الفلسفة وسيلة لتنظيم العملية التربوية وتنسيقها وتوضيح القيم والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في سبيل ضبط العملية التربوية ، ومعنى هذا أن فلسفة التربوية تتناول قضايا الحياة التي تتأثر بها التربية والمتغيرات التي تحدث في المجتمع .

        أما الإدارة التربوية فهي عبارة عن مجموعة من العمليات المتشابكة المتكاملة فيما بينها سواء داخل المنظمات التربوية أو خارجها لتحقيق الأهداف التربوية المتفق عليها ، وتتميز الإدارة التربوية بأن تعاملها بالدرجة الأولى موجه نحو الناس وحياتهم السابقة والحاضرة والمستقبلية .

        فالعلاقة بين فلسفة الإدارة والإدارة التربوية علاقة وثيقة وتبادلية ، فما يحدث في الميدان التربوي من إشكاليات وتناقضات يتم فلترته عن طريق وضعه في معيار فلسفي لإيضاح أسبابه وعوامله وتأثيراته ، ومن ثم تنقيته ليصبح ملائماً للمجتمع وظروف العصر ، ويعاد مرة أخرى لميدان الإدارة التربوية وفق إجراءات محددة للعمل على دمجه في المقررات والوسائل وأساليب التدريس لينتفع به ، فالفلسفة التربوية هنا تعتبر تنظيراً للأحداث التربوية ، بينما الإدارة التربوية تعتبر ميداناً لتطبيق التنظيرات الفلسفية .

        ويمكن لنا أن نشبه العلاقة بين الفلسفة التربوية وبين تطبيقات الإدارة التربوية كالعلاقة بين العقل والجسد ، ففلسفة التربية تمثل العقل المفكر والمدبر والمتأمل والناقد للأحداث ، والذي بدوره يرسل إشارات للجسد الذي يمثل الإدارة التربوية ، وهو بدوره يقوم بالأفعال والحركات المتوافقة مع ما يضخه إليه العقل .

        وللفلسفة التربوية دور كبير في تحسين القرارات التي تتخذ في مجال الإدارة التربوية من خلال التفكير في المفاهيم والمشكلات التربوية بتعمق وانتظام وصورة واضحة ودقيقة ، كما تساعد على الربط بين الأهداف والأغراض التربوية والمواقف والأحداث والتفاعلات مما يسهل على توجيه واتخاذ القرارات .

        وتقدم فلسفة التربية المساندة العلمية في مجال الإدارة التربوية من خلال تحليل المفاهيم التربوية والمنطق المستخدم في التربية والذي يحمل العاملين في مجال الإدارة التربوية على التفكير فيها بصورة أكثر وضوحاً وتحديداً ومنطقية ، كما تقـدم الفلسفـة التربوية الحــجج والأدلة والبراهين التي تسانــد الأهــداف والطــرق المـوضوعة ، كما أنها تقـدم المساندة للإدارة التربوية في إصلاح النظام التعليمي من خلال النقد الإيجابي المبني على فلسفة المجتمع وتطورات العصر .

        أمّا تأثير المقرر في زيادة المعرفة بالتخصص فقد انطلق حول مصطلحات الإدارة التربوية من تخطيط وتنظيم ورقابة وتوجيه واتخاذ القرارات ، إلى رحاب أوسع ومفاهيم تربوية أعمق ، تتصل وتؤثر على جميع عمليات تخصص الإدارة التربوية ، ولعل أعمق ما استفدته من فلسفة التربية يتمثل حقاً في مناهج البحث فيها سواء كانت الجدلية أو الحدسية أو النقدية أو التحليلية ، فهي حقاً مناهج يجب أن يكون كل فرد له علاقة بالتربية على اطلاع عليها وممارسة لها ، وبالإضافة إلى ذلك يمكن إجمال ما استفدته فيما يلي :

-      النقد والتفكير الناقد ، هو أول سلاح في مجال تخصص الإدارة التربوية للنجاح والتطوير والتحسين ، ولعله يدعم بشكل كبير المتابعة والتخطيط في الإدارة التربوية .

-      التأمل ، في كل العمليات والقرارات المتخذة والمشكلات التي تواجه رجل الإدارة التربوية ، وإيجاد المبررات من خلال التأمل المتعمق في الأحداث بصورة كلية للوصول إلى الجزئيات .

-      التحليل والتركيب ، فتخصص الإدارة التربوية شامل وواسع ويتعامل مع الموارد البشرية من جهة والموارد المادية من جهة أخرى ، فلا بد من تحليل الأفكار والاتجاهات كي نعرف مدى صلاحية استخدامها وجدواها ومناسبتها للبيئة المحلية .

-      الوصف ، فالعامل في تخصص الإدارة التربوية يتوجب عليه استخدام لغة علمية محددة ، ومصطلحات خاصة تتناسب مع موقعه وطبيعة عمله ، وفلسفة مجتمعه والأهداف التي يعمل على تحقيقها في المنظمة .

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوكمة في مؤسسات التعليم العام

التعليم المتمايز .. من أجل العدالة بين الطلاب

سلسسلة مواضيع في القيادة المدرسية | 2 |