تطبيق المواطنة العالمية


 

عبدالله مسعود الجهني




بما أننا نعيش على أرض واحدة ، ونستنشق هواء واحد ، فاعتبر أن مبدأ الارتقاء بتطبيقات المواطنة العالمية أصبح أمراً مُلحاً وضرورياً ، وأحد متطلبات العصر الحالي لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف والعيش بسلام وآمن عالمي ، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب من أهمها :

1-ترابط الحضارات في مقابل صراع المصالح ، فقد سوّق بعض المستفيدين لمفهوم صدام الحضارات مما أدى إلى التباعد والتآلف بين مختلف الحضارات ، فالحضارات جميعها تهدف إلى الإعمار وتحقيق الرفاهية للإنسان والعيش بحياة كريمة ، والاستفادة مما تقدمه الحضارات أمر مشروع للتنافسية الدولية وزيادة التقدم والتطور والذي ، يصب بدوره لصالح الإنسان في كل مكان .

2-وجود قواسم مشتركة تجمع بين الناس على اختلاف إيديولوجياتهم العقائدية والفكرية ، فالعيش بأمن وسلام هو هاجس الشعوب جميعها ، فربما تنشأ بعض الصراعات بسبب رغبة أحد الأطراف بالحفاظ على أمنه ، لذلك فإن التربية الدولية تساهم في تحقيق حوار متزن ، يطرح الحقائق ، ويزيل الالتباس ، ويوضح الغموض الذي يكتنف الأطراف ، ويوحد المفاهيم تجاه بعض القضايا المعاصرة كالإرهاب مثلاً .

3-تعتبر المبادئ والقيم من أبرز المنطلقات التي تؤدي إلى تحقيق الوحدة بين مختلف الشعوب ، وتنميها التربية الدولية بما يضمن ممارستها على نطاق واسع في العالم ، مما ينعكس إيجاباً على العلاقات الدولية والمعاملات الإنسانية ، فالحرية والمساواة والتسامح والسلام والتعاون والعدل من المبادئ التي لا تتغير ويعرفها كل إنسان بالفطرة .

4-كثير من الصراعات ينشأ بسبب عدم فهم الآخر وتقبله ، لذلك فإن التربية الدولية تساهم في الانفتاح على الآخرين وتقبل ما يتناسب من أفكارهم وثقافتهم ، بالإضافة إلى التربية على عدم الإساءة للآخرين ، فكل مجتمع فيه إيجابيات وسلبيات ، ومن خلال التربية الفكرية العقلانية الناقدة والتي تدعي إليها

التربية الدولية فإنه يصبح من اليسير التعامل مع الآخرين وفق معايير مبنية على التقدير والاحترام .


5-بناء الإنسان مقدم على كل اعتبار ، إذا غابت المصالح المادية ، ولكل إنسان حق العيش بما يضمن كرامته وتطويره والارتقاء به ، والتربية الدولية تحقق ذلك من خلال المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع البشر بما يحقق الإخاء في مقابل العنصرية ، والوسطية في مقابل الهيمنة .

6-كوكب الأرض هو المكان الذي يعيش عليه جميع الناس في جميع الدول ، فهو مقرنا أحياء وأموات ، لذلك من واجبنا جميعاً أن نحافظ عليه وعلى بقائه نقياً من كل الشوائب والمؤثرات السلبية ، فأرضه التي نأكل من إنتاجها ، وهواؤه الذي نستنشق أكسجينه ، يتطلب من الجميع المحافظة عليه ، وهذا سبب في الاتجاه نحو الاتحاد العالمي لتربية الأجيال على الاهتمام بالبيئة لإيجاد أجيال أصحاء بدون أمراض وعاهات يسببها التلوث البيئي الناتج عن سوء استخدام الإنسان لبيئته .
7-الأزمات والكوارث التي تهدد الإنسانية في مكان بحاجة إلى وقفة جادة من الإنسان الذي ينعم بالراحة والاطمئنان ، من خلال التعاون والتكافل الاجتماعي والانخراط في الأعمال التطوعية لتقديم يد المساعدة للمحتاجين ، والتربية الدولية تزرع في الإنسان الاستشعار بالإنسانية وأوجاعها وآلامها ومعظلاتها ، فالإنسان يبقى إنساناً أكرمه الله بالعقل للتمييز بين الخير والشر ، ومن الخير أن تقدم المساعدة للآخرين حتى لو كان عدواً لك ، فكم من عداوة حولتها أفعال الخير إلى صداقة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحوكمة في مؤسسات التعليم العام

التعليم المتمايز .. من أجل العدالة بين الطلاب

سلسسلة مواضيع في القيادة المدرسية | 2 |